فرحان مطر: الكتابات السورية مع الحرية ومع الثورة وضد السلطات

فرحان مطر: الكتابات السورية مع الحرية ومع الثورة وضد السلطات

إبراهيم محمد حمزة ـ جريدة القاهرة : 15 - 05 - 2012

فرحان مطر كاتب وإعلامي سوري، مواليد عام 1956، بمدينة الرقة الجميلة المحتضَنة من الفرات، قرر ترك وظيفته وعضويته باتحاد الكتاب، واللجوء إلي مصر، ومواصلة الكفاح ضد كافة أشكال القهر التي يراها ترتكب بحق شعبهفرحان كاتب قصة قصيرة أصدر ثلاث مجموعات قصصية هي: تفاصيل اللقاء، وما يدعو للهذيان والثالثة عين واحدة تكفي . ومجموعة قصص قصيرة جداً بعنوان: (بروق) بالاشتراك مع عدد من الكتاب في سورية. شارك في إعداد برنامجي "صباح الخير " و"نهار جديد" وكتب في عديد من الصحف، لكنه قرر الانسحاب من الاتحاد ومن عمله التليفزيوني، وغادر سوريا إلي مصر، وفي الأقصر كان هذا الحوار، لكن علي هامش هذا الحوار كانت المعايشة لأيام، كشف فيها فرحان مطر عن روح عذبة مشبعة بحب الحياة، وعن عشق للفن، حتي المواويل المصرية، والغناء الشعبي الصعيدي، والرغبة العارمة في الفرح، أليس فرحانا ؟ في مسألة الولد العابث نشعر أن الثورة السورية تختلف عن غيرها من الثورات، فكأن شعورا يتساءل عما دعا السوريين لاختيار بشار بعد وفاة أبيه، فهل الثورة السورية امتداد للثورات العربية أم حتمية فرضت ذاتها ؟ دعني أولا أنبه علي مسألة تولي بشار، نحن إن اعتقدنا بهذه المقولة، فقد أخطأنا تماما في حق الشعب السوري، الشعب السوري لم يختر وريثا لحافظ الأسد بهذه الطريقة لكي يؤسس لجمهورية ملكية، هذا بعيد تماما عن نخوة الشعب السوري، ما حدث هو فرض بالقوة من حافظ الأسد للمجموعة القوية التي كانت بإمرته التي كانوا يحكمون في الظل في فترة مرض حافظ الأسد، وأوصي جماعة الصقور الذين كانوا حوله بتوريث بشار، الكل يعرف أن المرشح ليخلف والده كان " باسل الأسد " الابن الأكبر، ولكن مات باسل في حادث سيارة علي باب دمشق الدولي، فوجدت العائلة الأسدية أنها مضطرة لاختيار بشار، وبشار كما تعرف العائلة أنه ليس كفؤا، ربما كان باسل يمتلك بعض الصفات الشخصية التي تؤهله للرئاسة، أما بشار - هذا الولد العابث الذي كان يدرس الطب ببريطانيا - جيء به علي وجه السرعة وأُخضع لعمليات إعداد وتأهيل مكثفة، حتي الذين قاموا بعملية توريثه، كانوا يدركون أنه لا يصلح للقيادة، لكنهم أمام جبروت حافظ لم يكونوا يملكون " لا " واحدة . وهنا تم تعديل الدستور السوري خلال عشر دقائق، ورغم أن واحدا من أعضاء مجلس الشعب تجرأ للحظة وقال إن ما يحدث أمر غير دستوري، فثارت الثائرة عليه، وتحول إلي واحد من أشد المؤيدين لبشار . نأتي للنقطة الثانية، وهي هل الثورة كانت حتمية في سوريا ؟ هي ليست مصادفة، هي عملية تراكمات من أربعة عقود لحكم هذه العائلة، فلابد منطقيا من قيام الثورة، ولكن كيفيتها وموعدها كان علمهما عند الله، لكن العامل الحاسم كان الثورة في تونس، ثم الثورة في مصر، وأصبحنا نتبادل التهاني سرا، والمتابع لثورة سوريا يعلم أنها بدأت بتهنئة صدرت بطريقة عفوية في مكالمة هاتفية بين طبيبة شابة من مدينة درعا وصديقة لها، ثم فوجئنا بالقبض عليها ما اثار مدينة درعا التي يسود فيها النظام العشائري، ومنها الكثير ممن يعملون في النظام.ورغم اطلاق سراحها فقد تم التنكيل بها وحلق شعرها ما أثار حفيظة الجميع وخاصة الأطفال الذين طبقوا ما شاهدوه علي شاشات التلفزة فكتبوا علي الجدران "الشعب يريد اسقاط النظام" وتم القبض علي هؤلاء، وظهر وجه النظام القبيح عندما توجه وجهاء درعا لفك أسر الأطفال وقابلوا رئيس الأمن السياسي العميد"عاطف نجيب" وهو ابن خالة بشار الأسد أيضا، الذي أهان الجميع ناصحا بنسيان الأطفال وانجاب غيرهم،.لذلك هذه الحادثة هي التي أججت الثورة ثأرا لكرامتنا. هذا هو ما وفر بما يسمي اللحظة التاريخية والتي التقطها الشارع السوري قبل النخب السياسية، لأنه كان يعرف أنه إن لم يأخذ المبادرة هذه فلن يرفع الرأس بعد ذلك . كنت تعد برنامجك الذي يشبه " صباح الخير يا مصر " لدينا، لماذا لم تظهر حالة الغضب لديك في عملك الإعلامي ، خاصة مع اتفاقنا في أهمية الإعلام المرئي ؟ يجب أن نفهم أنني كحالة من يعمل في إعلام النظام، لن يمكنه النظام هذا من استخدام أدواته في انتقاده، كل ما كنت أستطيعه هو محاولة اختيار مواضيع وضيوف، ونحاول الحفاظ علي سوية معينة، بدون النزول إلي ممالأة السلطة، ولذا بعدت بإرادتي عن البرامج السياسية، ولكن من يتابع برامجي وخطي العام، يلحظ فرقا بيني وبين آخرين . فمن المستحيل القيام بثورة علي النظام السوري من داخل التلفاز السوري، مع العلم أن مردود هذا العمل ليس كما يتصوره الناس، ماديا وكظروف عمل وغيره . النخب التي خانت هناك إشارة في حديثك إلي أن النخب لم تقم بالمبادرة، باعتبارك أديب قاص، هل كان للأدب دور في الأمر تنويريا أو تثويريا ؟ يحز في نفسي حقيقة القول أن الأدب بفعله التحريضي والتثويري، لم يكن ظاهرا ولم يكن جليا، وحتي كان غائبا، سأطرح نقطة للتساؤل علي خلفية هذه الفرضية، فلو كان الأدب عاملا حاسما في شأن الثورة السورية، لرأينا الأدباء يقفون في طليعة الصفوف، ولرأينا اتحاد كتاب سوريا يقف داعما لهذه الثورة، للأسف الشديد، بعد أكثر من عام علي قيام الثورة، ما زال اتحاد كتاب سوريا، يناصب الشعب العداء، ويناصر النظام مكررا مقولاته، وأنا حين أقول اتحاد كتاب سوريا، فأنا أقصد هذه المؤسسة التي تضم الشريحة الواسعة من الكتاب، فأنا لا أستطيع تصور وجود كاتب يقف صامتا ومتخاذلا، وألا يختار الوقوف بجانب الحرية وبجانب الحق، الآن، لا نجد إلا كتابا يعدون علي أصابع اليد، هم الذين أخذوا مواقف من الاتحاد، فأين إذن الأدب الذي تنتظر منه أن يقود ؟! رغم قبول عدد من الكتاب المصريين بالتعامل مع النظام السابق واللاحق، فقد كانت كتاباتهم ضد الظلم، وضد القهر ومنهم محمد سلماوي مثلا بروايته "جناح الفراشة " التي تتوقع الثورة، فهل كتابات الأدباء السوريين مع النظام مثلما مواقفهم الشخصية ؟ عموم الكتابات السورية مع الحرية ومع الثورة، وضد السلطات، هذا إن استثنينا قلة من الكتاب الرديئين الذين احترفوا التملق للسلطة، وهذا قليل، إنما كل الكتاب يدعون مناصرة الحرية، إنما أنا هنا أفصل بين الكتابة وبين الموقف الشخصي، أنت الآن في موضع اختيار واستحقاق - كمواطن وإنسان - لابد من قولة حق، موقف، سببه الوحيد المعلن والمعروف، هو الخوف، فآلية الخوف في سوريا خطيرة جدا سيئة السمعة، ينطبق عليها ما كنتم تصفونه في مصر بقولكم " الداخل مفقود والخارج مولود " ليس هو فقط ولكن هو وعائلته .

إبراهيم محمد حمزة

>للاطلاع على المقال من المصدر إضغط هنا<