فهرس مقالات الكاتب والناقد إبراهيم حمزة

اختار أن يكتب.. وكفي

فرحان مطر: الكتابات السورية مع الحرية ومع الثورة وضد السلطات

المؤتمر الأول لاتحاد كتّاب مصر بالأقصر.. رجل الشارع يشارك!!

العامية المصرية ترتكب جناية اسمها المقاومة

مسحراتي الوطن مازال يغني كلمات الأبنودي

أزمة مقتل كليبر .. والفرنسيون حزب وطني!

مدائح النساء للنبي امتدت من المهد إلي الآن

عمرو حسني: كثير مما يقدم للأطفال يكرس الفتنة الطائفية!

سمير الفيل.. الحيــاة حـيـن تصير قـصــة ونــدوة و كتــابــا

«كناري» مولود الثورة الخارج من رحم الأسي في مجموعة " كناري "

حكاية الفتي الطموح بونابرت الذي ادعي النبوة ووقر النبي.. وهدم المساجد!

هل ساهم " الإنترنت " في السرقة أم كشفها ؟!

محمد رجب البيومي.. جلال الرحيل

قريبًا.. الإنترنت علي الحوائط والموبايل علي جلد يديك

رسام فلسطيني يكتشف كتابا للأطفال يشوه صورة النبي بالرسوم

هل علي المبدعة أن تضع جسدها فيما تكتب؟

الأدب الحلال يثبت التصور الديني ويقدم القدوة ويطلق ملكات الإبداع

دراسة دكتوراه ترصد التأثيرات النفسية لدي أطفال الشوارع وتقترح سبل خفض أعدادهم

مبدعون يتخلصون من إبداعهم

الكتاب خير جليس في زمن الحاسوب

مواقع التصوير الفوتوغرافي علي الإنترنت.. صراع الفن والتقنية

«زينب».. وصاحبها البرجوازي العفيف

اختار أن يكتب.. وكفي

اختار أن يكتب.. وكفي

إبراهيم محمد حمزة ـ جريدة القاهرة ـ 2012-07-24

علي كثرة ما شاركنا في مؤتمرات ولقاءات لم يتصادف أن وجدت البساطي مشاركا أو مبحوثا أو رئيسا أو أمينا، هذا ملمح مدهش ستجد أثره في كتاباته الغزيرة كما وكيفا، كثيرون من أبناء البحر يكونون هكذا، ومدينة الجمالية التي عاش بها محمد البساطي قبل انتقاله للقاهرة لدراسة التجارة بجامعتها، وقبل أن يستقر به المقام موظفا مرموقا بالجهاز المركزي للمحاسبات، مدينته هذه صغيرة جميلة مشرفة علي بحيرة المنزلة، لن تجد هناك"صخبا للبحيرة"لكنه هدوء يروق للمبدعين، ويدعمهم، أهل المدينة يزرعون أو يصطادون، وكلتا المهنتين تولد الإيمان والصبر، الصيد الذي تستيقظ له فجرا في الشتاء والصيف، وتتسلل إلي الماء لتلقي بشباكك، ويطاردك حرس السواحل صيادين الصيادين بتعبير سيد حجاب - هذه البيئة البهية الواسعة الفضفاضة، ألقت بظلالها علي إبداع محمد البساطي، فكتب ما يتمناه ويريده، ولم يضطر مطلقا للكتابة كما يريد الآخرون . كباره وصغاره "الكبار والصغار"كانت المجموعة القصصية الأولي التي أصدرها البساطي عام 1968م نموذجا للقصة القصيرة المنتمية للناس،لكن برؤية أخري، حيث لم يكن البساطي"يزعم معرفة الحقيقة، إنما كان يغني نصه بالمشاعر العميقة، ويترك للقارئ مشاركته بخياله كما تشير د. لطيفة الزيات، في أول قصة من مجموعته"الكبار والصغار"وعنوانها"مشوار قصير"سنجد أنفسنا أمام الأستاذ السلاموني"حين اقتاده رجلان إلي مكان مجهول ولرجل مجهول، رغم أنهما لا يعرفان اسمه، وهو طوال الطريق يسألهما ولا أحد يجيبه، وينهي القصة بنفس حالة التخوف الدائمة لديه، لكن لغة القص بشفافيتها واقتصادها تعني العمل، أما الحوار فقد عمد دوما للاختزال، اقرأ هذا الحوار مثلا :

ـ إنت يافندي اسمك إيه ؟

ـ السلاموني .

ـ شغلتك إيه ؟

ـ مدرس ..

ـ أفندي ؟

ـ مدرس .

صاح القصير في غضب :

ـ أفندي ؟!

ـ أيوة أفندي ..

ـ السلاموني أفندي .

تبدو قصص البساطي في حوارها العامي حاملة"شعرية لعبت دورا بارزا في خلق حالة الالتباس الشيقة التي ينطوي عليها الموقف"كما يشير د. صبري حافظ في دراسته عن البساطي. نور وظلال الاختيار دوما يكون للكاتب، أن يبقي في قمة النور الباهر الذي يغشي الأبصار حتي يعتاده الناس، ثم ينسونه، ثم يتعجبون مما كانوا فيه، لقد امتلك كتاب وشعراء صفحات أدبية سخروها لما يكتبونه، وفرضوه فرضا علي قارئيهم، ولكن ذلك وغيره لم يجبر القارئ علي الشعور برعشة الفرح الملازمة لقراءة الأعمال الكبري . اختار محمد البساطي أن يكتب وكفي، وفي ظني أن عمله الحكومي بالجهاز المركزي للمحاسبات منحه استقرارا وأمانا، ومنحه أيضا تجربة رائعة في التعامل مع الناس، ولقد كان البساطي منذ فوزه عام 62وحتي حصوله علي التقديرية منذ أيام وهو طريح الفراش، كان قد اختار الأبقي، الإبداع، وليقيم من شاء، لم يختر لنفسه جريدة أو مجلة يكتب لها أعمدة وصفحات، إنما كان تركيزه علي الأبقي، فأخرج مجموعة كبيرة من الروايات ربما لا ننسي منها "التاجر والنقاش، المقهي الزجاجي، الأيام الصعبة، بيوت وراء الأشجار، صخب البحيرة، أصوات الليل، ويأتي القطار..... في روايته الجميلة"ويأتي القطار"يكتب البساطي علي لسان راو طفل، مندهش، وعن بيئة تشبه بيئته، ويستمتع بتلصصه علي البيوت تلصصا فنيا، فالطفل السارد يأخذ الجريدة كل يوم ليوصلها لأبيه، ولكن زوجة الحاج عطوة تستوقفه، هي الشابة الجميلة التي تزوجها تاجر المصاغ بعد وفاة زوجته الأولي، ولذا تنادي الطفل لتنظر للدنيا من خلال جريدته، بعدما حبسها الزوج داخل بيته، وهي جميلة رقيقة "ألمح طشت الغسيل في نهاية الحوش، قرب مسقط النور ومقعدا واطئا بجواره، تقف أمامي تقول شيئا، ويكون جلباب البيت الخفيف مبتلا عند بطنها، لاصقا به، وأجدني أحدق في فجوة صرتها المعتمة، وأسمع حفيف الجريدة عندما تفرد صفحاتها .... وداء زوجها يوما ..." فإن انطلقنا إلي روايته الأخيرة"أسوار"نجده يعتمد علي حادثة حقيقية، اختطاف صحفي معارض، يقول في حوار له إن"شعر رأسي وقف"وقلت إحنا رايحين فين والبلد رايحة فين"وكيف وصلنا إلي هذه الحالة من اليأس والبؤس ؟!! ورغم حرصه علي الوقوف علي هامش الكتابة السياسية المجردة، فسنجده يجيد الوقوف بنصه في المسافة بين"الواقع"و"الحلم"محتفظا للنص عبر واقعيته براهنية الطرح واشتباكه مع المعيش كما يؤكد الناقد يسري عبد الله . ويبقي البساطي يبقي النموذج الفذ للكاتب المخلص لمشروعه الإبداعي، المتخلي عن كل أحلام الكتاب من جوائز وإعلام، لا نقصد مطلقا أن النقد خاصمه، أو ان الجوائز تعززت عليه، بالعكس نال محمد البساطي كل ما يشتهيه كاتب من احترام النقاد وإيمانهم بإبداعه، كما نال الكثير من الجوائز، كجائزة العويس، واقتربت روايته"جوع"من بوكر العربية في موسمها الثاني، وحصل علي جائزة أحسن رواية لعام 1994م بمعرض الكتاب المصري، لكنه رغم كل شيء، وبعد كل شيء، ظل يري نفسه كاتبا، وهي صفة عزيزة، إنه التعبير الذي ارتضاه المرحوم محمد مستجاب لنفسه، قال بعدما تعب ودار ولف وعمل، قرر في النهاية أن المهنة كاتب، في حوار معه يسأله المحاور عن الرسالة التي يود توجيهها لأدباء جيله فيقول في بساطة تليق بالبساطي : أقول لهم"ربنا يديهم الصحة". رحم الله البساطي .

إبراهيم محمد حمزة

>للاطلاع على المقال من المصدر إضغط هنا<

فرحان مطر: الكتابات السورية مع الحرية ومع الثورة وضد السلطات

فرحان مطر: الكتابات السورية مع الحرية ومع الثورة وضد السلطات

إبراهيم محمد حمزة ـ جريدة القاهرة : 15 - 05 - 2012

فرحان مطر كاتب وإعلامي سوري، مواليد عام 1956، بمدينة الرقة الجميلة المحتضَنة من الفرات، قرر ترك وظيفته وعضويته باتحاد الكتاب، واللجوء إلي مصر، ومواصلة الكفاح ضد كافة أشكال القهر التي يراها ترتكب بحق شعبهفرحان كاتب قصة قصيرة أصدر ثلاث مجموعات قصصية هي: تفاصيل اللقاء، وما يدعو للهذيان والثالثة عين واحدة تكفي . ومجموعة قصص قصيرة جداً بعنوان: (بروق) بالاشتراك مع عدد من الكتاب في سورية. شارك في إعداد برنامجي "صباح الخير " و"نهار جديد" وكتب في عديد من الصحف، لكنه قرر الانسحاب من الاتحاد ومن عمله التليفزيوني، وغادر سوريا إلي مصر، وفي الأقصر كان هذا الحوار، لكن علي هامش هذا الحوار كانت المعايشة لأيام، كشف فيها فرحان مطر عن روح عذبة مشبعة بحب الحياة، وعن عشق للفن، حتي المواويل المصرية، والغناء الشعبي الصعيدي، والرغبة العارمة في الفرح، أليس فرحانا ؟ في مسألة الولد العابث نشعر أن الثورة السورية تختلف عن غيرها من الثورات، فكأن شعورا يتساءل عما دعا السوريين لاختيار بشار بعد وفاة أبيه، فهل الثورة السورية امتداد للثورات العربية أم حتمية فرضت ذاتها ؟ دعني أولا أنبه علي مسألة تولي بشار، نحن إن اعتقدنا بهذه المقولة، فقد أخطأنا تماما في حق الشعب السوري، الشعب السوري لم يختر وريثا لحافظ الأسد بهذه الطريقة لكي يؤسس لجمهورية ملكية، هذا بعيد تماما عن نخوة الشعب السوري، ما حدث هو فرض بالقوة من حافظ الأسد للمجموعة القوية التي كانت بإمرته التي كانوا يحكمون في الظل في فترة مرض حافظ الأسد، وأوصي جماعة الصقور الذين كانوا حوله بتوريث بشار، الكل يعرف أن المرشح ليخلف والده كان " باسل الأسد " الابن الأكبر، ولكن مات باسل في حادث سيارة علي باب دمشق الدولي، فوجدت العائلة الأسدية أنها مضطرة لاختيار بشار، وبشار كما تعرف العائلة أنه ليس كفؤا، ربما كان باسل يمتلك بعض الصفات الشخصية التي تؤهله للرئاسة، أما بشار - هذا الولد العابث الذي كان يدرس الطب ببريطانيا - جيء به علي وجه السرعة وأُخضع لعمليات إعداد وتأهيل مكثفة، حتي الذين قاموا بعملية توريثه، كانوا يدركون أنه لا يصلح للقيادة، لكنهم أمام جبروت حافظ لم يكونوا يملكون " لا " واحدة . وهنا تم تعديل الدستور السوري خلال عشر دقائق، ورغم أن واحدا من أعضاء مجلس الشعب تجرأ للحظة وقال إن ما يحدث أمر غير دستوري، فثارت الثائرة عليه، وتحول إلي واحد من أشد المؤيدين لبشار . نأتي للنقطة الثانية، وهي هل الثورة كانت حتمية في سوريا ؟ هي ليست مصادفة، هي عملية تراكمات من أربعة عقود لحكم هذه العائلة، فلابد منطقيا من قيام الثورة، ولكن كيفيتها وموعدها كان علمهما عند الله، لكن العامل الحاسم كان الثورة في تونس، ثم الثورة في مصر، وأصبحنا نتبادل التهاني سرا، والمتابع لثورة سوريا يعلم أنها بدأت بتهنئة صدرت بطريقة عفوية في مكالمة هاتفية بين طبيبة شابة من مدينة درعا وصديقة لها، ثم فوجئنا بالقبض عليها ما اثار مدينة درعا التي يسود فيها النظام العشائري، ومنها الكثير ممن يعملون في النظام.ورغم اطلاق سراحها فقد تم التنكيل بها وحلق شعرها ما أثار حفيظة الجميع وخاصة الأطفال الذين طبقوا ما شاهدوه علي شاشات التلفزة فكتبوا علي الجدران "الشعب يريد اسقاط النظام" وتم القبض علي هؤلاء، وظهر وجه النظام القبيح عندما توجه وجهاء درعا لفك أسر الأطفال وقابلوا رئيس الأمن السياسي العميد"عاطف نجيب" وهو ابن خالة بشار الأسد أيضا، الذي أهان الجميع ناصحا بنسيان الأطفال وانجاب غيرهم،.لذلك هذه الحادثة هي التي أججت الثورة ثأرا لكرامتنا. هذا هو ما وفر بما يسمي اللحظة التاريخية والتي التقطها الشارع السوري قبل النخب السياسية، لأنه كان يعرف أنه إن لم يأخذ المبادرة هذه فلن يرفع الرأس بعد ذلك . كنت تعد برنامجك الذي يشبه " صباح الخير يا مصر " لدينا، لماذا لم تظهر حالة الغضب لديك في عملك الإعلامي ، خاصة مع اتفاقنا في أهمية الإعلام المرئي ؟ يجب أن نفهم أنني كحالة من يعمل في إعلام النظام، لن يمكنه النظام هذا من استخدام أدواته في انتقاده، كل ما كنت أستطيعه هو محاولة اختيار مواضيع وضيوف، ونحاول الحفاظ علي سوية معينة، بدون النزول إلي ممالأة السلطة، ولذا بعدت بإرادتي عن البرامج السياسية، ولكن من يتابع برامجي وخطي العام، يلحظ فرقا بيني وبين آخرين . فمن المستحيل القيام بثورة علي النظام السوري من داخل التلفاز السوري، مع العلم أن مردود هذا العمل ليس كما يتصوره الناس، ماديا وكظروف عمل وغيره . النخب التي خانت هناك إشارة في حديثك إلي أن النخب لم تقم بالمبادرة، باعتبارك أديب قاص، هل كان للأدب دور في الأمر تنويريا أو تثويريا ؟ يحز في نفسي حقيقة القول أن الأدب بفعله التحريضي والتثويري، لم يكن ظاهرا ولم يكن جليا، وحتي كان غائبا، سأطرح نقطة للتساؤل علي خلفية هذه الفرضية، فلو كان الأدب عاملا حاسما في شأن الثورة السورية، لرأينا الأدباء يقفون في طليعة الصفوف، ولرأينا اتحاد كتاب سوريا يقف داعما لهذه الثورة، للأسف الشديد، بعد أكثر من عام علي قيام الثورة، ما زال اتحاد كتاب سوريا، يناصب الشعب العداء، ويناصر النظام مكررا مقولاته، وأنا حين أقول اتحاد كتاب سوريا، فأنا أقصد هذه المؤسسة التي تضم الشريحة الواسعة من الكتاب، فأنا لا أستطيع تصور وجود كاتب يقف صامتا ومتخاذلا، وألا يختار الوقوف بجانب الحرية وبجانب الحق، الآن، لا نجد إلا كتابا يعدون علي أصابع اليد، هم الذين أخذوا مواقف من الاتحاد، فأين إذن الأدب الذي تنتظر منه أن يقود ؟! رغم قبول عدد من الكتاب المصريين بالتعامل مع النظام السابق واللاحق، فقد كانت كتاباتهم ضد الظلم، وضد القهر ومنهم محمد سلماوي مثلا بروايته "جناح الفراشة " التي تتوقع الثورة، فهل كتابات الأدباء السوريين مع النظام مثلما مواقفهم الشخصية ؟ عموم الكتابات السورية مع الحرية ومع الثورة، وضد السلطات، هذا إن استثنينا قلة من الكتاب الرديئين الذين احترفوا التملق للسلطة، وهذا قليل، إنما كل الكتاب يدعون مناصرة الحرية، إنما أنا هنا أفصل بين الكتابة وبين الموقف الشخصي، أنت الآن في موضع اختيار واستحقاق - كمواطن وإنسان - لابد من قولة حق، موقف، سببه الوحيد المعلن والمعروف، هو الخوف، فآلية الخوف في سوريا خطيرة جدا سيئة السمعة، ينطبق عليها ما كنتم تصفونه في مصر بقولكم " الداخل مفقود والخارج مولود " ليس هو فقط ولكن هو وعائلته .

إبراهيم محمد حمزة

>للاطلاع على المقال من المصدر إضغط هنا<

المؤتمر الأول لاتحاد كتّاب مصر بالأقصر.. رجل الشارع يشارك!!

المؤتمر الأول لاتحاد كتّاب مصر بالأقصر.. رجل الشارع يشارك!!

إبراهيم محمد حمزة ـ جريدة القاهرة : 24ـ 4ـ 2012

ذا مررت بمقهي شعبي ، وسمعت صوت ميكروفونات ، ورأيت بشرا لم تتعود رؤيتهم بالمقهي يتحدثون ويختلفون ويتجادلون ، فلا تتعجب ، إنها إرادة الله تعالي أن يجعل ندوات مؤتمر اتحاد الكتاب بالأقصر في مقاه وساحات المدينة . وكانت هذه اللفتة من أجمل خصوصيات المؤتمر ، فإن كان الأدباء يهربون للمقاهي من ملل الجلسات البحثية ، فماذا يفعلون إن طاردته الجلسات إلي المقاهي ذاتها !! هي المرة الأولي التي تقوم فيها لجان الاتحاد بدور إيجابي ، إنها لجان: العلاقات العربية، والخارجية، والحريات، والتي قررت عقد مؤتمر "الثورة والشارع العربي"، والذي رأسه الشاعر حسين القباحي، مقرر لجنة «العلاقات العربية» وقد أنهي مؤتمر اتحاد كتاب مصر فعالياته بمدينة الأقصر بصعيد مصر ، مؤكدا رفض التطبيع ، ودعوة اتحاد الكتاب للمشاركة في وضع تصور للدستور المصري ، يطرح رؤية الأدباء لمستقبل مصر ، وتأكيد استمرارية الثورة حتي تحقق أهدافها ، والوقوف مع الشعوب المتطلعة للحرية ، وتطهير الوزارات من فلول النظام السابق ، وغيرها من التوصيات الخاصة حول رفض تشكيل المجلس الأعلي للثقافة بسبب المجاملات الفاضحة كما أسمتها التوصيات . وكان المؤتمر الذي عقد تحت رعاية السفير عزت سعد محافظ الاقصر ، ومحمد سلماوي رئيس الاتحاد قد بدأ فعالياته في الفترة من 10إلي 12 ابريل 2012م بزيارة لقصر ثقافة بهاء طاهر ، المقام علي قطعة أرض تبرع بها الأديب الكبير ، وشاركت محافظة الأقصر في البناء ، وأسهمت وزارة الثقافة في التجهيزات والإعداد لافتتاحه قريبا . العروض عُقد المؤتمر تحت عنوان " الثورة والشارع العربي " وترأسه الأديب الأقصري الشاعر حسين القُباحي وأمانة الشاعر النوبي عبد الراضي ، واحتوي عروضا للفنون الشعبية ، وزيارات للأماكن الأثرية كمعبد الكرنك الشهير والرحلات النهرية ، أما الجلسات البحثية ، فقد خرجت للشارع ، فعقدت جلسة مهمة بمقهي شعبي ، أدارها الأديب جابر بسيوني ، وتحدث بها د. أيمن تعيلب ، وشارك بها بالفعل رجل الشارع مناقشا ، وقد أثني الحاضرون علي سائق تاكسي اوقف سيارته ليشارك برأيه ويوضح كثيرا من أسباب الأزمات القائمة حولنا ، كما اقيمت مائدة مستديرة بساحة أبي الحجاج بعنوان " مستقبل الثورة في مصر بين الدستور والانتخابات" شارك فيها مصطفي عبد الله ، وأحمد طوسون وفتحي إمبابي وهويدا صالح وأشرف البولاقي وشارك فيها بشهادة مهمة الأديب السوري فرحان مطر وذكر مصطفي عبد الله لـ«القاهرة» أنه " تحدث عن تجربته في إصدار مجموعة من الأعداد الخاصة المواكبة لانطلاق ثورتي: 25 يناير في مصر، و14 يناير في تونس ومناصرة الثورة الليبية في أيامها الأولي، وكذا الأعداد الخاصة مثل "الدستور.. كتاب الوطن" التي قصدت إلي تقديم تجارب العالم التشريعية وعرض تراجم مختلف الدساتير في الشرق والغرب لتنوير المواطن المصري، في وقت مبكر منذ إندلاع ثورته المجيدة، إلي أولوية العكوف علي كتابة دستوره الجديد، فضلاً عن الأعداد التي تناول فيها "أدب السجون والمعتقلات"، والصورة التي ينبغي أن يكون عليها رئيس مصر القادم كما ترتسم في مخيلة المبدعين حتي لا يظهر طاغية جديد". كما عقد بقصر ثقافة الأقصر جلسة بعنوان «الإبداع والثورة» أدارتها انتصار عبد المنعم ، وشارك فيها الروائي قاسم مسعد عليوة ، والشاعرأحمد سراج ، والروائية الأردنية سميحة خريس . الندوات الندوات الشعرية احتضنت عددا كبيرا من شعراء مصر ، خاصة شعراء الواو : الفن الجنوبي الأصيل في مصر والذي يعتمد علي المجانسة اللفظية ، وهو فن كاد أن يندثر لولا شعراء الجنوب ، وممن شاركوا بقصائدهم : أحمد تمساح ، مأمون الحجاجي ، أحمد سراج ، أشرف البولاقي ، محمد خربوش ، جاد زكي ، وقد شهدت الندوة كثافة ملفتة لعشاق الشعر من غير الناس العاديين بالشارع ، خاصة مع قصائد الواو وأشعار الشاعر عبد الناصر علام ورغم اعتذار عدد كبير من الحضور ، وعلي رأسهم رئيس الاتحاد ، والأديب بهاء طاهر ، ود. أحمد الخميسي ، ود . شريف الجيار وهالة البدري ،والضيوف العرب باستثناء فرحان مطر وسميحة خريس ، فقد خرج المؤتمر موفقا ، وتميزت الجلسات بكثافة عددية للحاضرين ، وجدية في المناقشات ، ويكفي أن مؤتمرا أدبيا ، خرج ليتحدث عن «الثورة والشارع العربي» في قلب الشارع العربي ، وللمرة الأولي ايضا حرص كل المشاركين علي ترك أبحاثهم لقرائها ، والحوار من القلب مباشرة ، كما ذكر لنا د. أيمن تعيلب الذي أصر علي عدم إلقاء محاضرة ، وحولها لجلسة استماع لكل حضورها ، قائلا : إن قطار الديمقراطية يحتاج إلي أن يتمتع بها الراكب والسائق وعامل التذاكر ، فمن يفهم الدرس ؟!!

بقلم إبراهيم محمد حمزة

مسحراتي الوطن مازال يغني كلمات الأبنودي

مسحراتي الوطن مازال يغني كلمات الأبنودي

إبراهيم محمد حمزة ـ جريدة القاهرة : 20 ـ 9 ـ 2011

اعتدناها مخيفة في جمالها وتأثيرها، مطالع توجع القلب فعلا، منحتها ألحان أمير عبد المجيد حسا جنائزيا عبقريا، وجاء الصوت الشاب العفي الذي لا يشيخ أبدا، وقد منح اللحن للكورال دورا يكاد يوازي صوت المطرب، يذكرنا بالعمل العظيم لعفاف راضي وسيد حجاب والشريعي، حين كان صوت عفاف راضي كأنه زائر وسط الكورال وهي تنشد وتصرخ وسطهم " الباني هو الشعب والباقي هو الشعب " . في هذه الأغنية الجميلة تتدرج أحاسيس الشاعر من التعديد إلي الرضا إلي الفخر، ويلعب اللحن دورا موازيا، ويتداخل الكورال بالقدر ذاته معبرا عن مشاركته الطيبة المقدرة وهو مانراه ايضا في أغنية قديمة للأبنودي أيضا في نفس الألبوم "اتبسمي يابلادنا " . أحد عشر كوكبا أحد عشر كوكبا تضيء سماء الأغنية التي أظلم كثير منها، يقدم الحجار ألبوما من إنتاجه وذوقه ومشاعره الصادقة، أنتج عشرين أغنية، اختار منها إحدي عشرة أغنية فقط، محتفظا برصيد لألبوم قريب، ورغم ذلك قدم أربع أغنيات قديمة هي «هنا القاهرة/ الشهيد/ حرية/ اتبسمي يابلدنا» . تاريخ الحجار يشهد له منذ غني لعبد الرحيم منصور في ألبومه الأول، ثم رباعيات صلاح جاهين بألحان سيد مكاوي، ثم ألبوم "كنت فين يا علي " للأطفال، ثم " محتاجلك" عام 1979م " اعذريني" 1981م وفيه يبدع أحمد الحجار موسيقاه، ويجدد صوت أخيه. ولا يمر عام حتي يلتقي الثالوث كله : الأب/ الابن الأكبر/ الابن الأصغر.في حلم من أحلام علي ولهذا لا تتعجب أن جعل اسمه " الأحلام ". وتتوالي الألبومات … متصدقيش عام 1983م ثم "أنا كنت عيدك " ألبوم العمر لعلي ثم " لم الشمل "الذي جاء صرخة احتجاج علي حرب الخليج ثم يعودالحجار للحضن الدافيء " سيد حجاب" في ألبوم شهير وشعبي هو " مكتوبالي " بالرغم من عبقرية الكلمات وجمال الآداء ورشاقة اللحن إلا أن الألبوم وازن ببراعة ورقة بين الشعبية والجمال، ثم نجد مرحلة أكثر شبابا ورقة وتميز مع محمد العسيري في ألبوم "رمي رمشه" .. اليوم يقتحم الحجار للمرة الألف الميدان، مدمرا صخرة الذوق الرديء التي ارتاحت عليها مسامع الناس، رغم أن أفضل ما في الألبوم هو أغنياته القديمة، وخاصة معجزة حجاب ولؤلؤته النادرة " هنا القاهرة " ورغم أننا اعتدناها بصوت الحجار بدون آلات موسيقية، والتي كانت تنزع قلوبنا من مكانها وما زالت، خاصة ختامها المعجزة «وأنا في وسط دوامتك الدايرة بينا/ باصرخ باحبك يا أجمل مدينة/ يا ضحكة حزينة/ يا طايشة ورزينة....... باحبك باحبك يا بنت اللذينَا» . لكن حجاب يضيف لها أبياتا جديدة كأنها استكمال طبيعي للقصيدة بموسيقاها الهادرة، بلا أي شعور بالتصنع، لنلتقي مرة أخري مع حجاب في قمة تألقه، وصدقه، وحبه، وكان صوت الحجار يعود لصفاه القديم ونقائه البهي البديع، أيام " عنوان بيتنا " والرباعيات و" الأيام " وغيرها، استمع بهذا النور المنساب «تدور طواحين السنين قلابات/ نعيش دوارين من الميلاد للممات/ نقيم سقالات إنشاءات معجزات/ ونِدّي الوجود : انبيا ورسالات/ ومن عشقنا للحياة والبنا والنبات/ واجهنا رياح الفنا بنبض الأغنيات» هل هناك أكمل وأجمل من هذا؟!! الفكرة والغناء في الأغنيات التي كتبها الشاعر ناصر رشوان «برغم الليل، الميدان، فجر بلادي، ورد بلدي» وألحان أحمد الحجار وطارق حسيب .. الفكرة في الأغنيات تسبق التعبير عنها، الفكرة فلسفية، صورة فنية، لم تنزل لميدان الواقع ، وأخطر ما فيها أنها لم تعبر عن خصوصية العشق للوطن مثلما لمسناها في أغنيات أخري، الأغنية كلها حالة شعرية، لم تنزل لواقعها، يقول مثلا : «برغم اللي جري منك/ ورغم اللي جري فيك/ أنا يا حبيبتي بادعي لك/ عشقت غيطانك الخضرا/ وحنيتك مخلتشي/ يا ست الحسن يا سمرة/ أنا بوعدك مخلتشي» أغنية جميلة لكنها ضعيفة التأثير لأنها لم تحمل شاعرية مميزة لها، بينما في " ورد بلدي " يفاجئنا ناصر رشوان بمطلع رائع ، يختلف عن صياغته السابقة، يقول «مشربتش قهوة سادة، وبارفرف م السعادة» ويلعب الكورال دوره في إضفاء شعور السلطنة العربية الجميلة في الأغنية، بلحنها الرائع وحداثة كلماتها، وهو ما تخلي عنه نهائيا في أغنية " الميدان " أسوأ أغنيات الشريط كلمات وأداء - في تقديري - ربما كان اللحن أكثر نجاحا، لكن الكلمات جاءت شديدة المباشرة والسطحية، تجعلنا نترحم علي إلياذة حمادة هلال " شهدا 25 يناير ماتوا في أحداث يناير "، بينما في " فجر بلادي " نتنهد مع مطلع موسيقي مطعم بأصوات بشرية، قبل المفاجأة الوسيقية الجميلة، ليأتي صوت " الحجار بهيا ضاحكا مستبشرا «ييجي الليل ويروح الليل ولا يفضل غير فجر بلادي/ عدي وفوت/ منتاش هتموت/ متخفشي وطل/ إنت البادي» . أغنيات ناصر رشوان بذل فيها مجهودا فنيا طيبا،فهو بنّاء جيد ومتميز، لكنه لم يحصل علي قدر أطول من الزمن ليتفاعل مع حالة جديدة علي الوجدان المصري والوجدان الثوري .. مسحراتي الوطن وهي الأغنية التي منحها الحجار عنوان الألبوم " اصحي يا ناير " ويبدو أن الصيد الفني في العنوان لم يستطع الحجار التنازل عنه، وكلمات عثمان إسماعيل ذاتها قوية متماسكة تبحث لنفسها عن مجال جديد، عبر لغة غير مستهلكة، كما استطاع الشاعر السائر - علي طريق سيد حجاب بمنتهي الوضوح - أن يخرج من سكة الغناء الوطني المألوفة، حتي علي مستوي الألبوم نفسه، رغم أنه يخاطب الثوار كما فعل ناصر رشوان، وقد جاء لحن أحمد الحجار مانحا الفرصة إنتاج نشيد قومي للثورة، رغم أن الإعلام لم يضغط علي المستمع به، واكتفي بأشياء عابرة سطحية كالعادة، اسمتع للمدخل «إصحي يـاااا ناير/ واعلن بشاير/ وقول إن بكره يابلدي مغاير/ أكيد جاي أجمل/ أكيد جاي أحسن/ وإن الفساد اللي زاد في حياتنا/ وكل النظام العتيد اللي جاير/ وكل الخطايا وكل الكباير/ محاها شبابنا العظيم اللي ثاير» وهي قريبة في منطلقها من أغنية مجدي النجار بخبرته وترحاله الطويل عبر ألحان خليل مصطفي في أغنية " وقت الجد " . نتوقف لحظات مع " هاني شحاتة " وألحان حمدي صديق وأغنية " الوطن " وبها فكر عميق، عبر لوحة غنائية جميلة، ينقصها خصوصية التعبير، وقدرة نقل المشاعر عبر صورة غنائية أكثر رهافة» فقوله مثلا «مهما شاب فيا الزمن، باعشق ترابك يا وطن» تعبير مكرر، حديثه عن العطش والنيل سلسبيل أظنه صار ممجوجا، في تقديري أن الحجار - بعد هذا التاريخ - لابد أن يشحذ ذوقه في اختيار الكلمات بدقة أكبر . لكننا نعود لأغنية بهية نادرة طويلة العمر .. أغنية " حرية" لبهاء جاهين ويبدو أن عمر خيرت قد أعاد توزيعها، أجمل ما في الأغنية أنها حالة عالية راقية، لكن الشاعر لم يكتفِ بالتعبير عن فكرة الحرية، لكنه جعل العلاقة علاقة حب وارتباط من خلال المدخل الشعري الذي جاء دعوة «يتشرف المدعو أنا/ بدعوة الدنيا سماها وأرضها/ تحضر زفافي علي هدية ربنا/ لحضرة المدعو أنا ...» نسمات من جاهين الأب تترقرق هفهافة لوريثها المبدع الجميل بهاء جاهين، تشعر بأن جاهين الكبير يقول " أنا اللي قلبي بالأمر المحال اغتوي/ شفت القمر، نطيت لفوق في الهوا» ويأتي بهاء ليقول «أحب أطير في البراح/ حبيبتي هي الجناح» آداء الحجار مثلما غناها من عقدين أو أقل قليلا، يتأرجح علي سفينة اللحن الحلو، ويهدهده عمر خيرت في اغنية تقبل الخلود، مثلما كان ويظل الحجار، ينشد الخلود .

بقلم إبراهيم محمد حمزة

>للاطلاع على المقال من المصدر إضغط هنا<

أزمة مقتل كليبر .. والفرنسيون حزب وطني!

أزمة مقتل كليبر .. والفرنسيون حزب وطني!

إبراهيم محمد حمزة ـ جريدة القاهرة : 16ـ8 ـ 2011

وأن الفرنسيين لم يكن من عادتهم إجراء محاكمات مشابهة في جرائم القتل؛ حيث لم تكن العدالة شعارهم ولا هدفهم طوال سنوات بقائهم في مصر، متسائلاً عن سبب عدم تشكيل محاكمة للنظر في تهمة محمد كريم قبل إعدامه ، ونفي أن يكون الضرب عادة متبعة في المحاكم المصرية في تلك الفترة كما أدعت المصادر التاريخية الفرنسية، وتصور الباحث للحادث أنه "قام شخص ما بالتسلل إلي حديقة السراي وقتل كليبر ونجح في الهروب، وأراد الفرنسيون الانتقام من أهل القاهرة، إلا أن القادة وجدوا أن ذلك سيسبب لهم مشاكل كثيرة، ولذلك قرروا تجرع الإهانة فالأخطار تحاصرهم من كل مكان، ودبروا مؤامرة لنسبة التهمة إلي شخص آخر يطفئون بقتله جمرة غيظهم وحقدهم، وتصادف أن كان سليمان يسير في الشارع المجاور للحديقة فقبضوا عليه وضربوه حتي اعترف بما أرادوا، أو قل إن شئت لم يعترف، ولكنهم قالوا إنه اعترف، ومن سيكذبهم إذا كانت كل إجراءات المحاكمة لم يحضرها مصري واحد، ولم يلتق مع سليمان أو يحادثه قبل أو أثناء أو بعد المحاكمة أي مصري أو عربي غير الثلاثة الذين حكم عليهم بالإعدام ودفن معهم سرهم . كليبر .. حادث مختلف الحقيقة أنه لا مانع مطلقا لدي المرء من تغيير ما عاش معتقدا إياه إن تبين له بجلاء أنه خطأ واضح وبين ، ولكن من الضروري أيضا التسلح بروح العلم عند الحديث في موضوع بهذا الحجم ، فما ذكره الباحث تساؤلات ، وليست دلائل ، وقد تداولت قصة مقتل كليبر في عشرات الكتب التي بين أيدينا ، بدون أن يتطرق الشك لها ، وقد رأينا قنابل الثوار قد طالت غرف القصر الذي يسكنه كليبر ، مما اضطرهم لترميمه كما يذكر المؤرخ صلاح عيسي في "حكايات من دفتر الوطن " صـ64 ذاكرا أن سليمان الحلبي قد كان وسط العمال الذين كانوا يعملون بالقصر، مندسا حولهم ، واصفا الحوار الذي دار بين كليبر وقاتله، وحين أنهي سليمان ما يريد، مرت دقائق قليلة، بعدها تغيرت الدنيا جميعها، وقرر الفرنسيون - بتعبير الجبرتي - قتل مصر كلها عن آخرها. فهل من يود قتل مصر كلها عن آخرها يؤذيه قتل رجل بلا جريمة وبلا محاكمات ؟ لقد أنكر الحلبي كل ما وجه له من اتهام ، فضربوه - وبتعبير الفرنسيس (كحكم عوائد البلاد ) وينفي الباحث أن يكون الضرب عادة متبعة في المحاكم المصرية في تلك الفترة كما أدعت المصادر التاريخية الفرنسية التي ذكرت أن الفرنسيين لجأوا إلي الضرب في محاضر التحقيق -علي عادة أهل البلاد- لتقرير المتهمين بعد أن أنكروا التهم؛ إذ لم يثبت إطلاقا في تاريخ القضاء المصري أن تم ضرب إنسان في المحكمة. العجيب أن مرجعنا الأساسي - أعني كتاب الجبرتي - يكثر من ذكر حالات الضرب التي تقع من الولاة ، كقوله مثلا (وفيه كثر تعدي أحمد آغا الوالي علي أهل الحسينية وتكرر قبضه وإيذاؤه لأناس منهم بالحبس والضرب وأخذ المال بل ونهب بعض البيوت ) ويقول في أحداث عام 1206م (فصار الآغا يركب الي الرقع والسواحل ويضرب المتسببين في الغلة ويسمرهم في آذانهم ثم صار إبراهيم بك يركب الي بولاق) ويقول الجبرتي أيضا السيد أحمد البدوي بالشرق والسيد ابراهيم الدسوقي بالغرب يقتلان كل من يمر عليهما من النصاري وكان هذا الكلام بمحضر من النصاري الشوام فجاوبه بعضهم وأسمعه قبيح القول ووقع بينهما التشاجر فقام النصراني وذهب الي دبوي وأخبره بالقصة فأرسل وقبض علي ذلك الصيرفي وحبسه وسمر حانوته وختم علي داره وتشفع فيه المشايخ عدة مرات فأطلقوه بعد يومين وأرسلوه الي بيت الشيخ البكري ليؤدب هناك بالضرب أو يدفع خمسمائة ريال فرانسة فضرب مائة سوط وأطلق الي سبيله وكذلك أفرجوا عن بقية المسجونين . والعقاب بالضرب قائم في عشرات المواضع بالكتاب ، ومورس في التحقيقات كثيرا. مع العلم أن القضاء لم يكن مسئولا ، فالتحقيقات لا يقوم بها القضاء، كما هو معروف ، إنما هي كما تشير محاضر الفرنسيين تكونت من عبد الله مينو ولجنة تحقيق عسكرية، ولماذا ذكرت التحقيقات إنكار المشايخ (عبد الله الغزي، محمد الغزي، السيد أحمد الوالي ) ولماذا رأينا الإفراج عن رابعهم ؟!!! ثم أمر ساري عسكر منو إمضاء الدفتردار سارتلون إمضاء الترجمان لوماكا ساري عسكر العام منو أمير الجيوش الفرنساوية في مصر . المادة الأولي - أن ينشأ ديوان قضاة لأجل أن يشرعوا علي الذين غدروا ساري عسكر العام كلهبر ( كليبر) في اليوم الخامس والعشرين من شهر برريال . إلخ ... وذكر استخدام الضرب إجبار الحلبي علي الاعتراف هي قرينة تأكيد لا نفي ، فلماذا تذكر المحاضر الفرنسية أنهم عذبوا الحلبي ، طالما لم ير ذلك أحد ؟ ولماذا لم يذكروا اعترافاته مباشرة؟ وكيف يتوافق كل هؤلاء ( الأطباء والممرضين والعسكر والمؤرخين والقضاة ) كلهم توافقوا علي رواية واحدة .. أليس هذا عجيبا؟ وأليس عجيبا أيضا ألا يخايل هذا الخاطر كل من تعرض للتاريخ عبر أكثر من مائتي عام منذ سنة 1800م حتي الآن؟ لماذا سليمان؟ لماذا اتخذ الفرنسيون إذن طريقة المحاكمة القائمة علي العدالة الشكلية التي رآها "الجبرتي" في "عجائب الآثار " وتجاوز عنها في " مظهر التقديس "؟ لا يمكن التعامل مع حدث بحجم قتل القائد العام للجيش ، مثل أي حدث آخر مهما كانت قوته ، فقد كان كليبر قد أعاد شيئا من آمال الفرنسيين في الخروج الآمن من مصر ، كان - كما يصفه جوزيف ماري مواريه النقيب بالحملة والذي وضع كتابا حولها بعنوان " مذكرات ضابط في الحملة الفرنسية ، ترجمته كاميليا صبحي ، يذكر خطاب كليبر لهم أن غرضه الأهم كان ( إشاعة الطمانينة في نفوس السكان ، فقد كان ما حدث في بولاق التي سمحتُ لكم بإشباع انتقامكم فيها حاضرا ببشاعة أمام أعينهم ). أما ما أكده الباحث أن الفرنسيين كانوا يكذبون دوما ، فقد كانوا يكذبون في بياناتهم ، وبها أيضا يهددون ويحرقون ويقتلون ، مثلما رأينا نابليون يوجه رسالة حب ملتهبة إلي مصروشعبها (إنما جئت لأرد لكم حقوقكم ، وأعاقب مغتصبيكم وإني أوقر الله ورسوله والقرآن أكثر من المماليك ) ولكن هذا الحنان لا يلبث أن يتبخر وهو يقرر في نفس الخطاب (جميع القري التي ترفع السلاح في وجه جيوشنا سيكون مصيرها الحرق) . أما كليبر، فكان طاغية بشعا ، وكان مصيره يقوده ، ولم يكن سليمان الحلبي سوي أداة لتنفيذ إرادة عامة، لقد كان إعجاب الجبرتي بالمحاكمة مرتبطا بوقتها ، أو بتعبير مؤلفي كتاب (الحملة الفرنسية والإسلام : بونابرت في مصر ـ هنري لويس وآخرون وترجمة بشير السباعي ) يرون أن ما كتبه الجبرتي " مجرد إدانة أدبية لأولئك الذين يحكمون مصر وقت التحرير النهائي للحوليات ) صـ 506 ويؤكد هنريلويس إعجابه بتصرف وشخصية سليمان الحلبي، خاصة لحظة التنفيذ، يقول ( ويتصرف سليمان بشجاعة ، مرددا الشهادتين وآيات من القرآن ). لا أظن أن الفرنسيين كانوا في حاجة لمحاكمة شكلية ، لقد كان الشعب ينتظر أن " تحترق مصر بمن فيها "، فأنقذهم كون القاتل حلبيا، اجتهاد طيب من الدكتور عماد هلال، لم يكن ينقصه سوي ذكر أن الجبرتي لم ير الحادث ، ففصّـل عماد هلال حادثا ينافس كثيرا كتاب السيناريو في براعته.

بقلم إبراهيم محمد حمزة

>للاطلاع على المقال من المصدر إضغط هنا<

مدائح النساء للنبي امتدت من المهد إلي الآن

مدائح النساء للنبي امتدت من المهد إلي الآن

إبراهيم محمد حمزة ـ جريدة القاهرة : 9 ـ 8ـ 2011

في الفترة الزمنية القليلة التي عاشها النبي عليه السلام بعد البعثة، انطلقت أفواه وقلوب وقرائح الشعراء رجالا ونساء، ينبض قولهم بمحبة صادقة للنبي عليه السلام، وقد أكد القرآن الكريم في مواضع عدة " بشرية الرسول (قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا) 93 الإسراء، أو قوله تعالي (قل إنما أنا بشر مثلكم يوحي إلي، أنما إلهكم إله واحــد) 6 فصلت . ورغم تحذير المصطفي ـ عليه الصلاة والسلام ـ المسلمين من إطرائه بقوله في الصحيح " لا تطروني، كما أطرت النصاري ابن مريم، فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله"رغم هذا التحذير، فإن الشعراء قد تسابقوا في حياته عليه السلام وبعد موته مادحينه شكلا وكلاما وأخلاقا وإيمانا، حتي بلغت المدائح مبلغا أقرب للمعجزات، ويكفي للتدليل علي ذلك أن نذكر البردة، فقد تنافس عليها أكثر من مائة شاعر، معارضا وتشطيرا وتخميسا إلخ بل بالغ بعضهم في تقديسها، يقول الدكتور "زكي مبارك" في كتابه "المدائح النبوية": "وأما أثرها في الدرس، فيتمثل في تلك العناية التي كان يوجهها العلماء الأزهريون، إلي عقد الدروس يومي الخميس والجمعة " لكن هذا المقال يبحث في ما قالته الشاعرات عن المصطفي عليه الصلاة والسلام؟ وما سبب هذه الندرة الواضحة في شعر المديح النسوي؟ وما مدي اختلاف مضامين شعر المرأة عن شعر الرجال؟ - أول شاعرة ذكرت محمدا: يرصد نقاد الأدب أن مجموع شعراء العصور المختلفة (1983) شاعرا منهم 80 شاعرة، بنسبة تقارب 4% فقط، ولكن ندرة هذه النسبة لم تمنع الشاعرات من الاختفاء بالنبي وإنشاد الشعر له وعنه، أما أولهن، فكانت "الشيماء" وهي حذافة بنت الحرث السعدية ابنة حليمة التي أرضعت النبي، فهي أخته في الرضاعة وكانت ترقصه وهو صغير وتنشد شعرا: يارب أبق لنا محمداً حتي أراه يافعا وأمردا ثم أراه سيدا مسودا واكبت أعاديه معا والحسدا واعطه عزا يدوم أبدا . ورغم ما قد يموج بصدر قارئ هذه الأبيات من تشكك، لأن منشدتها - الشيماء - تتحدث عنه وكأنها تعلم ما كتب له من الرفعة والمجد والذكر المديد، لكن ذلك لم يمنع الباحث بشير يموت من ذكر الأبيات في كتابه الهام " شاعرات العرب في الجاهلية والإسلام " والكتاب صادر في بيروت عام 1934م عن المطبعة الأهلية . ثم نجد شعرا للسيدة العظيمة آمنة بنت وهب أم النبي، تذكره زينب فواز في كتابها " المنثور في طبقات ربات الخدور " نقلا عن القرماني وياقوت وغيرهما، أنها في وقت موتها أنشدت، وهي علي فراش موتها خاطب ابنها الصغير محمد صلي الله عليه وسلم: بارك فيك الله من غلام يابن الذي في حومة الحمام نجا بعون الملك العلام فودي غداة الضرب بالسهام بمئة من إبل سوام إن صح ما أبصرت في المنام فأنت مبعوث إلي الأنام تبعث في الحل وفي الحرام تبعث بالتوحيد والإسلام دين أبيك البر إبراهام فالله ينهاك عن الأصنام أن لا تواليها مع الاقوام ويبدو الوضع واضحا في كثير من هذا الشعر وأشباهه، مما نجده في كتب الأدب القديمة، مثلما نطالع شعرا لأبي طالب عم النبي، والذي ذكر له "ابن سلاّم " شعرا كثيرا وقال عنه " من أبرع شعراء مكة " لكن شعره في معظمه منقول عن "ابن اسحاق " الذي حفظنا عن ابن سلام وصفه الشهير له في قوله (كان ممن أفسد الشعر وهجنه وحمل كل غثاء منه " ولذلك نقرأ له في سيرة" ابن اسحاق " ما قاله أبو طالب، حين التقي الراهب «بحيرا» بالنبي طفلا، فقال أبو طالب وقتها : إن ابن آمنة النبي محمدا عندي بمثل منازل الأولاد ولنعد للنساء الشاعرات، وبين أيدينا شعر لفاطمة بنت مر، وكانت - كما تقول السير - من فضليات بني خثعم، أرادت ان ينكحها عبد الله أبو النبي، وتعطيه مائة من الإبل، فقال لها "ما ذاك إلي، وإنما راجع في ذلك إلي إرادة أبي " وحين زوجه أبوه آمنة، قالت فاطمة : إني رأيت مخيلة لمعت فتلألأت بحناتم القطر فسما بها نور يضيء به ما حوله كإضاءة البدر ورأيت سقياها حيا بلد وقعت به وعمارة القفر ثم نجد سيدة نساء العالمين فاطمة بنت محمد عليهما السلام تقول الشعر العذب في أبيها، والغريب أن قارئ هذه الأبيات القليلة في المقطوعات الثلاث التي أوردها صاحب "شاعرات العرب" لا يجد فيها خصوصية الابنة، إنما يجد فيها حزنا شفيفا بليغا قاتلا كقولها: صُبّت علي مصائب لو أنها صُبّت علي الأيام عدن لياليا وهي مقطوعة من بيتين، لكنها تحمل ألم الفقد، ولوعة الرثاء الذي يقوله المرء وكبده يتقرح، ولذا لا تتعجب من مشاعر هذه الابنة الحبيبة التي تعالت عن مناداة أبيها وبكائه، وبكت نبيها قائلة : والأرض من بعد النبي كئيبة أسفا عليه كثيرة الأحزان فليبكه شرق البلاد وغربها ولتبكه مضرٌ، وكل يماني يا خاتم الرسل المبارك صنوه صلي عليك مُنزّل القرآن . ومعظم شعر النساء في مواقف تطرأ فينشدن فيها، كزواج او موت أو قضاء حاجة، أو غير ذلك، والنساء لم تنشد الشعر للتكسب كالرجال ، وأكثره نتاج دواع طارئة، وقليل من النساء الشاعرات القديمات من أكملت ديوانها مثل الخنساء، ورغم اكتمال ديوان الخنساء، فلن تجد به مديحا للمصطفي بعدما أسلمت، بل يكاد الديوان أن يكون دمعة سائلة ليل نهار علي شقيقها صخر ومن تبعوه موتا، لكنها ظلت متفردة في شاعريتها، بل ربما لا يجاورها أحد في زمانها، ولم يكن ذلك لضعف في شاعريتهن، إنما لظروف اجتماعية طبيعية ترتبط بعصرها، ولذا لم يجبر السيدة ابنة عقيل بن أبي طالب علي إنشاد الشعر، والتذكير بالنبي عليه السلام إلا وقعة كربلاء، حيث قالت بعد استشهاد الحسين عليه السلام: ماذا تقولون إن قال النبي لكم ماذا فعلتم وأنتم آخر الأمم بعترتي وبأهلي بعد مفتقدي منهم أساري وقتلي ضرجوا بدم ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي وهكذا نجد شعر النساء غالبا ما ينشد استجابة لموقف، وهو واضح في مشاعره، لا يميل إلي المبالغة والبحث عن معجزات خارقة، رغم أن طبيعة المرأة تركن نحو العاطفية التي تورث المبالغة، ومن هنا كانت المرأة قليلة الشعر لأنها قليلة التعبير عن نفسها، قليلة البوح . بستان عائشة ليست "عائشة " البياتي، لكنها الشاعرة العاشقة للنبي عليه الصلاة والسلام، عائشة الباعونية، ولكن لنتوقف قبلا مع سعدونة القرطبية، وهي أم السعد بنت عصام الحميري من أهل قرطبة. وتعرف بسعدونة.. توفيت في 640 هجرية، قال: البدر النابلسي في التذييل: لها رواية عن أبيها وجدها وغيرهما من أهل بيتها. أنشدت لنفسها في تمثال نعل النبي صلي الله عليه وسلم تكملة لقول من قال: سألتم التمثال إذا لم أجد للثم نعل المصطفي من سبيلٍ! فقالت: لعلني أحظي بتقبيله في جنة الفردوس أسني مقيل في ظل طوبي ساكناً آمنا أسقي بأكواب من السلسبيل وأمسح القلب به عله يسكن ما جاش به من غليل فطالما استشفي بأطلال من يهواه أهل الحب من كل جيل . هذا بنصه كل ما ورد في كتاب " نزهة الجلساء في أشعار النساء للسيوطي من مديح نبوي، مقطوعة من أربعة أبيات إجازة لقول شاعر، لم يورد السيوطي مديحا سواها، فلنعد إذن لعائشة الباعونية، طيبة الذكر، وهي أم عبد الوهاب عائشة بنت يوسف ابن أحمد بن ناصر الدين الباعوني الشافعي الشيخة الأريبة العالمة، العاملة الصوفية الدمشقية، ونسبتها إلي (باعون) من عجلون في القطر الأردني الشقيق، ومولدها ووفاتها في دمشق. وقد كتبت ديوانها بخط يدها وهي في زيارة للقاهرة في سنة 921هجرية، قبيل وفاتها، ورغم أنها كتبت قصائدا ست في مدح المصطفي، فقد رصدت كتب البديعيات قصيدتها التي مطلعها : في حسن مطلع أقمار بذي سلم أصبحت في زمرة العشاق كالعلم . وهي في تصوري أقلهن قيمة، نظرا لأنها من البديعيات، وهي قصائد ابتدأها صفي الدين الحلي، ناظما فيها صنوف البديع في شعر يتقرب به للمصطفي عليه السلام، وقد رصد الباحث د. علي أبو زيد ما يزيد علي تسعين بديعية لمعروفين ومجهولين، لعل المرأة الوحيدة بينهم كانت عائشة. ولعلنا لا نغادرها حتي نقف مع سميتها السيدة عائشة التيمورية، ولدت 1840م وتوفيت 1902م هي كريمة اسماعيل باشا تيمور، لها ديوان بعنوان حلية الطراز، نسخته - التي طالعتها - مصورة عن نسخة قديمة مطبوعة، تكاد تقارب في الشكل روايتها التي أعادت وزارة الثقافة طباعتها مصورة عن أصلها القديم أعني رواية " نتائج الأحوال في الأقوال والأفعال" وقد كتبت عائشة الشعر بالفارسية والتركية والعربية، أما ديوانها، فيغلب عليه التهاني للحاكم والرثاء له والفرح بعودته، ولها قصيدة بديعة بهية في رثاء ابنتها التي كانت عروسا، كما لها قصائد تميل للتصوف كقولها : " أتيت لبابك العالي بذلي فإن لم تعف عن ذللي فمن لي وما نتوقف عنده مدخلها للمديح النبوي، حيث يأتي توسلا لله تعالي بحبيبه، في قصيدتين بهيتين، تقول في واحدة منهما: وما سوي فوز كوني بعض أمته ذخر أفوز به من زلة الوصم إلا التماسي عفوا بالشفاعة لي من خاتم الرسل خير الخلق كلهم محمد المصطفي مشكاة رحمتنا مصباح حجتنا في بعثة الأمم ..

بقلم إبراهيم محمد حمزة

>للاطلاع على المقال من المصدر إضغط هنا<

عمرو حسني: كثير مما يقدم للأطفال يكرس الفتنة الطائفية!

عمرو حسني: كثير مما يقدم للأطفال يكرس الفتنة الطائفية!

إبراهيم محمد حمزة ـ جريدة القاهرة : 26 ـ 7 ـ 2011

رغم أهمية مجلة الطفل ودورها في تشكيل وجدانه وخياله، بل وقيمه، فلايوجد في مصر سوي عدد قليل جدا من المجلات، ربما لا يتعدي أصابع اليد الواحدة، لكن تبقي مجلة " قطر الندي " هي المجلة الأكثر مصرية، والأقرب للطفل بحكم سعرها ومضمونها، وتاريخها القديم، منذ صدور العدد الأول من المجلة في 15 يونية عام 1995م، وعبر هيئات تحرير متعددة منهم شعراء كبار، وصلت رئاسة التحرير للشاعر عمرو حسني، وهو أحد المتخصصين في أدب الطفل، وله صلة بالأدب الغربي المقدم للطفل، بسبب عمله في تعريب أعمال صادرة عن والت ديزني وغيرها، وهو شاعر معروف، أصدر دواوين منها «الولد الشايب 87، عالم تاني 2000م، في الوقت الضايع 2008م» وللأطفال له "حكاية في كحكاية" كما أصدر رواية قصيرة بعنوان " أسد علي رف الدنيا " وكرر التجربة أخيرا فأصدر رواية «تنفس صناعي» العام الماضي.. حول «قطر الندي» وأدب الطفل، كان الحوار : > كادت مجلات الأطفال في مصر تنحسر حتي صارت تعد علي أصابع اليد الواحدة، بعد أكثر من خمسة عشر عاما علي صدورها، هل تعاني قطر الندي من ندرة القارئ؟ أليس غريبا أن يكون لدينا عشرون مليون طفل وخمس مجلات فقط لهم ؟ - قطر الندي حالياً لا تعاني ندرة القارئ، ولكنها تعاني عدم قدرة الهيئة علي زيادة عدد النسخ، فنحن نطبع 9 آلاف نسخة ولا يعود إلينا مرتجع إلا في أضيق الحدود وذلك بشهادة توزيع الأخبار حيث يتخطي توزيعنا 90% ولا يقل عن 80% وهذا يثبت أن السوق متعطش إلي تلك النوعية من المجلات. > عبرت بالمجلة من عصر إلي عصر، فهل تغيرت سياستها التحريرية بعد ثورة 25 يناير ؟ وهل مطلوب من مجلة أطفال أن ترتفع بوعي الطفل سياسيا ؟ باختصار الفن أم الفكر ؟ وهل أنت ضد التوجيه القومي أو الفكري للطفل ؟ - سياسة المجلة التحريرية كانت ومازالت مع العدالة والمساواة وضد التطرف والتمييز ومع حرية العقل والخيال وضد الأنماط الجاهزة المستهلكة التقليدية التي تقدم للناشئة وعليه فالثورة تمثل لنا صحة الاختيار الذي تبنته قطر الندي. في حقيقة الأمر الارتفاع بوعي الطفل لا يمكن تقسيمه إلي سياسي وغير سياسي، فعندما ترتفع بذائقة الطفل الفنية والأدبية يرتفع وعيه في كل مناحي الفكر، ولا يمكن مطلقاً التفرقة ما بين الفن والفكر بشكل تعسفي. فأنت تقدم فناً يعكس أفكارك، يرقي برقيها ويتخلف بتخلفها، وأنا مع التوجيه القومي شريطة أن يقدم بطريقة فنية جميلة وغير مباشرة تبتعد عن الخطاب الإرشادي الفج. التكرار > هناك شكوي لدي بعض متابعي قطر الندي من تكرار أسماء بعينها كل عدد، هل تري هذا الأمر عيبا أم ميزة ؟ وما دافعه لديكم ؟ -عندما نكتشف كاتباً أو رساماً جيداً نقدمه بلا تردد، لكننا نعتمد بالطبع علي البعض ممن يقدمون منتجاً فنياً راقياً وهذا يشبه ما يقال عن تثبيت التشكيل في فرق الرياضات الجماعية حتي تضمن لها ثبات المستوي، فلا يعقل أن أقدم أعمالاً متوسطة القيمة الفنية فقط لكيلا يقال أننا لا نعتمد علي أسماء بعينها. > لاحظت كثرة القصص المصورة بشكل لافت في المجلة رغم أن رئيس تحريرها شاعر، فهل الشعر بينه وبين الطفل سد منيع؟ وكيف نسعي لهدم هذا السد؟ - القصص المصورة هي الوجبة الرئيسية في مجلات الناشئة، وهي تقدم منتجاً راقياً تتضافر فيه فنون مختلفة إن أحسن صناعتها، ولكن هذا لا يمنعنا مطلقاً من تحقيق التوازن فيما نقدمه من قصص سردية وأشعار بالفصحي والعامية فضلاً عن الآداب المترجمة. نحن نبتعد فقط وبقدر الإمكان عن الموضوعات الصحفية والتغطيات المملة التي لا أري لها مكاناً في مجلات تعني بتقديم الفن للناشئة في المقام الأول. لا وجود لسد منيع بين الطفل وبين الشعر. ذلك السد المنيع يوجد في الحقيقة بين الشعر وبين الشعراء، وعندما ينهار ذلك السد ستصل اشعارهم بسهولة للأطفال، ولكن يلزم لانهياره أن يبتعد أنصاف الشعراء عن الكتابة للطفل. > نعلم أن كثيرا من الكتَّاب يري الكتابة للطفل نزهة وترويحا ووسيلة لبعض مكافآت النشر، كيف تتعامل مع مشاهير كتابة الطفل في مصر؟ مع العمل أم مع الاسم ؟ وهل تسعي للبحث عن رسامين وكتَّاب جدد، خاصة أن كثيرا من مشاهير الكتابة والرسم للطفل من خريجي مدرسة " قطر الندي " مثل محسن رفعت، رحاب محيي، رحاب عبدالله، دعاء العدل، محمد عبدالله، رشا هاني، هاني دراج، رأفت محيي الدين، محسن عبدالحفيظ، فوزي مرسي، رشا منير.. ومثلهم من الكتًّاب؟ - لا أضع في اعتباري أي مقياس غير جودة العمل وابتعاده عن الأنماط المكررة المستهلكة، وقطر الندي قدمت الكثير من الأسماء الجديدة ولم ولن تغلق الباب أمام كل من يقدم عملاً متميزاً. > في ديوانك " حكاية في كحكاية " نشعر أن المسألة الحاكمة الأولي هي مجابهة التطرف من خلال التعالي بالدين إلي آفاق رحبة من التسامح والمحبة وهي دعوة الدينين العظيمين في مصر، ألا تري أن هذه الفكرة أرقي من مستوي تلقي الطفل ؟ - التحدث عن العدل والمساواة ليس أرقي من مستوي الطفل واعذرني إن قلت لك أن ذلك التعبير "أرقي" يذكرني بحديث النخبة المثقفة عندما تتهم جموع الشعب بالجهل لتبرر فكرة فرض وصايتها.عليه. بالطبع هناك أشياء لا ينبغي أن تقدم للصغار، لكن تجنب تقديم مفاهيم المساواة والحق في الاختلاف يعكس في بعض الأحيان عدم إيمان الكبار ـ من المحافظين - بتلك المفاهيم وخوفهم من انتشارها، فلا يعقل أن يكون هناك ارتباط شرطي بين القيم وبين تراث ديني بعينه مهما كان رقيه وإنسانيته بما يوحي لمن لا يعتنقونه من ناشئة بأن أديانهم وأديان آبائهم أقل إنسانية أو لا تحض علي الخير! وإصرار الكتاب علي ذلك علي مر الأجيال يعد جريمة في حق الوطن. هذا ما أعنيه بضرورة الإصرار علي المساواة التي تعد أول المفاهيم التي تكرس لاحترام الحق في الاختلاف. الفتنة الطائفية > قلت من قبل إن أدب الأطفال في مصر يكرس للفتنة، أليس هذا التعميم صعبا ؟ وهل يمكن وضع اليد علي مطبوعات أو دواوين أو كتب للاطفال تكرس للتفرقة بين المسلم والمسيحي ؟ - قلت غالبية ما يقدم للأطفال ولم اقل كل لأنني أعتبر نفسي واحداً ممن لا يقدمون أدباً يكرس للفتنة، وبالطبع لم أقل "كل" لأن ذلك التعميم يعني أنني أتجاهل ذلك الفريق الذي أتشرف بالانتماء إليه! وهذا ما لم يحدث. بالنسبة للكتب التي تكرس للطائفية اسمح لي أن أعود إليك بالسؤال قائلاً : هل تمزح؟ مئات العناوين المطروحة بالأسواق تحتوي علي قصص تشير إلي أحاديث نبوية أو قدسية شريفة بنصوصها، وأري أنه كان يمكن لها أن تستلهم تلك المفاهيم الرائعة الموجودة بها في كتابة قصص لكل الأطفال بدون الإشارة إلي المصدر بحيث لا تحرم الآخر من الاستمتاع والاسترشاد بها. > جلس علي كرسي رئيس تحرير قطر الندي أسماء محترمة: حسين مهران، أحمد زرزور، عبد الرحمن نور الدين، محمود الهندي، محمد كشيك وعمرو حسني - مع حفظ الألقاب والترتيب أيضا .. ماذا أضفت لهذا العقد المبهر كرئيس للتحرير ؟ وهل هناك دور تحريري مؤثر لهيئة التحرير ؟ - يجب أن أترك الحديث عن هذا لغيري، فلا يصح أن تقيم عملك والأجدر أن تترك هذا الأمر لغيرك. لكنني أجتهد في تقديم الأعمال غير التقليدية وأبتعد بقدر الإمكان عن الكليشيهات المحفوظة المكررة وأحاول أن أقدم مادة فنية راقية للصغار بدون أي تفرقة .. وأتمني أن أكون قد نجحت في جزء من ذلك. > ريادة أدب الأطفال ليست في مصر الآن مع وجود مجلة بقيمة "ماجد " هل ما يصنع المجلة المال أم الأشخاص أم الإدارة ؟ خاصة أن معظم كوادر ماجد مثلا من المصريين. - اسمح لي أن أتعجب من قولك بأن ريادة أدب الأطفال ليست في مصر بينما تعترف في ذات الوقت بأن المجلة التي تزعم بارتفاع قيمتها يصنعها أغلبية من المصريين؟ ألا يعد هذا تناقضاَ وقعت به؟ ولعلمك أنا أري أن الكتَّاب المصريين الذين يعملون بتلك المجلات لا يستخدمون سوي أرباع مواهبهم فقط نظراً للقيود التي يكبلهم بها أصحاب رأس المال. المجلات يا عزيزي شأنها شأن أي سلعة ثقافية تطرح بالأسواق، يصنعها الفكر الحر وأصحاب المواهب ثم يأتي بعد ذلك دور الإدارة الجيدة ورأس المال، فهما بمفردهما في غياب الحرية والموهبة لا يمكنهما تقديم أي منتج ثقافي له قيمة فكرية وفنية عالية يكتب لها البقاء.

بقلم إبراهيم محمد حمزة

>للاطلاع على المقال من المصدر إضغط هنا<

سمير الفيل.. الحيــاة حـيـن تصير قـصــة ونــدوة و كتــابــا

سمير الفيل.. الحيــاة حـيـن تصير قـصــة ونــدوة و كتــابــا

إبراهيم محمد حمزة ـ جريدة القاهرة : 26 ـ 7 ـ 2011

وهكذا انطلقت رحلة عذاب ممتعة، لم يكمل السادسة إلا وكانت محلات وورش الموبيليا قد ابتلعته، واخذ يمزق الكارينة (ما يشبه القش الأصفرالذي يحشي به الكنب) ثم انتقل وهو في العاشرة مترقيا إلي درجة بائع أحذية، وهي المرحلة التي كتب عنها فيما بعد مجموعته الرائعة "صندل أحمر " تلك التي احتوت علي موضوع واحد فقط، رؤية للعالم كله من خلال عيني الطفل فلفل، وكان قد أهدي المجموعة إلي (الجزم والصنادل واللكلوك، إلي النعال والشباشب والكعب كباية) كان الفتي ينفذ وصية لم تصله بعد من ناصر، بالمثابرة، وحين وصل العاشرة متفوقا غاية التفوق في دراسته، كان قد أصبح (ابن سوق) في عمله، يستطيع تحديد الزبون وكيفية التعامل معه، فإن كان ريفيا، استفزه بقوله (مع السلامة يا أستاذ، المحل اللي جنبنا فيه بضاعة تنفعك، ماهو كل برغوت علي قد دمه) يعود الفيل لذكريات الطفولة، تلك التي كان يعيشها بكيانه، يقرأ بشراهة، ويذهب للسينما، ويصيف في رأس البر القريبة من بلده دمياط، ويعود لصديقه محمد علوش ليكتبا معا بدايات ما كانا يظنانه شعرا، كان شقيا وكان المعلمون يسامحونه لأنه " يتيم " فإنه شقي ولا يحضر المنقلة ولا "البرجل"، ولا يحفظ سورة البقرة ويكتفي بسورة " ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل " كما يقول قد تجرأ ذات يوم وأخذ كراسة شعره لصاحب مطبعة طيب في دمياط، طالبا منه طبع كتابه، لكن الحاج نصار - صاحب المطبعة - اعتذر لهما، ومنح كل منهما قرشا كاملا بصور الملك فاروق. سنوات الغلب والغناء تخرج في مدرسة المعلمين العليا، الأول علي الجمهورية، فقر الأسرة لم يترك له اختيارا، فقنع بالتدريس بمدرسة الإمام محمد عبده الابتدائية بدمياط، لتبدأ رحلة غناء الذات في الظهور، كان أثناء الدراسة قد بدأ يكتب مسرحيات يمثلها زملاؤه، ويشترك في مسابقة الملاكمة ، ومسابقة الوثب، وبدأت رحلته مع الشعر، وكتب مخطوط ديوان " المطبعة " عام 1996م وطبع بشكل بسيط، وزينته رسوم الفنان السيد الخميسي الذي صار بعد ذلك أستاذا بكلية التربية بدمياط. ثم توالي صدور دواوينه : " الخيول " سنة 1982، " ندهة من ريحة زمان " سنة 1991، "ريحة الحنة "، سنة 1998، " نتهجي الوطن في النور "، أبريل سنة 2000، وأخيرا " سجادة الروح"، مايو سنة 2000. لكنه ذات يوم أرسل قصصه للدكتور عبدالقادر القط، ونشرها له في إبداع بدون سابق معرفة، وحين التقاه في مؤتمر العقاد بأسوان، وسمع منه القصيدة، همس للدكتور سمير سرحان قائلا: هذا سارد ممتاز .. في مسألة السرد بجوار أشياء كثيرة جدا يجيدها سمير الفيل، يحتل السرد المقام الأعلي لديه، لكنه عمل فترة جيدة بالصحافة الأدبية بالسعودية، وكتب عدة مسرحيات، وكتب عشرات الأغنيات لأعمال مسرحية مهمة، منها مثلا «خشب الورد» لعلي سالم، له عدة كتب تحوي لقاءات مع كتّاب معروفين وغير معروفين، وهذه فضيلة أخري مهمة وأساسية في شخصيته، انحيازه المطلق للواعدين، ومساندته الدائمة لعشرات الكتّاب والشعراء، موهبة واضحة جدا في شخصيته، حيث يشكل مؤسسة ثقافية حقيقية متكاملة، بداية من تشجيع الكاتب الشاب، ثم توجيهه بيسر وحنو، ثم الاهتمام به ومساعدته علي نشر أعماله، ثم السعي بهذه الأعمال للمناقشة عبر مؤتمرات.. إلخ وبجوار سمير الفيل في دمياط جيش من المبدعين المخلصين ربما نتذكر منهم محسن يونس وفكري داود، ومحمد شمخ ومحمد مختار، وناصر العزبي ومحمد علوش وعشرات غيرهم نعود لسردياته، وقد أصدر الأعمال السردية الآتية : رواية "رجال وشظايا، ". خوذة ونورس وحيد، " قصة قصيرة "، أرجوحة " قصة قصيرة ". كيف يحارب الجندي بلا خوذة ؟، "قصة قصيرة، ظل الحجرة "رواية "، انتصاف ليل مدينة "، مجموعة قصصية "، شمال .. يمين "، مجموعة قصصية، مكابدات الطفولة والصبا،" مجمـــوعة قصصية، صندل احمر، مجموعة قصصية وميض تلك الجبهة، رواية قبلات مميتة، قصص، هوا بحري، قصص.. هذا الولع بالسرد يأتي مع شعوره بأنه يعيش من خلال السرد حياة أخري، يتمني لو صار راقصا للباليه، ولأنه لا يستطيع، فليفعل ذلك من خلال السرد، هو تربي علي كتابات جيل عبقري، التقط من كل كاتب أميز ما فيه، يقول (في العربية توقفت أمام نجيب محفوظ الأستاذ بحق، وتأثرت بلغة عبدالحكيم قاسم، وبعذوبة يحيي حقي،وبانسياب الجملة عند ابراهيم أصلان، وباحتشاد الحكي الشعبي لدي خيري شلبي، وفي تناول عوالم القرية عند سعيد الكفراوي، وبفرادة الطيب صالح، وبترددات هدي بركات، وبرقة مالك حداد المترجم عن الفرنسية، وبعوالم الأسطورة عند ابراهيم الكوني، وبثقل التاريخ عند عبدالرحمن منيف وصولا إلي زيد مطيع دماج وأضرابه. احتاج مقالا كاملا لسرد الجوائز التي حصل عليها سمير الفيل في كل مجالات الإبداع : الشعر والقصة والرواية والمسرح والغناء .. لكن حضوره الثقافي المتألق أكثر اهمية من كل هذه الجوائز. حياة أخري أخيرا ها أنت يا عم سمير فوق الستين تمرح كما تشاء، لا يتذكر كثيرون معجزتك الكبري، تواجدك اللافت علي الشبكة العنكبوتية، و"توقيعاتك " عليها، يقول مثلا (بعد الضغط والسكر .. ابتلانا الله بوزير داخلية لا بيحل ولا بيربط) ويقول (كل رئيس مصري لقب يعرف به، فمثلا جمال عبدالناصر الزعيم الثوري، والسادات الرئيس المؤمن، فما هو لقب حسني مبارك المقترح ؟ ويقول (ثمة أناس يسعون لمنح السلطة لمن يقيدهم ويسلب إرادتهم ويفرض عليهم الوصاية إلي الأبد..) أسأل العم سمير عن الزوجة، أم شادي، فيقول (تعرفت عليها في ظروف بهيجة ـ حوالي سنة 1978ـ إذ كنت أحضر فرح واحد من أصدقائي الذين تعرفت عليهم في نادي السينما وله اهتمامات ثقافية هو محمد أبوطايل. رأيت فتاة ترتدي ثوبا من القطيفة لونه بنفسجي، وكانت تضع وردة من نفس اللون قرب العنق . تأملات ملامحها، وأعجبتني الوردة، وتمت الخطوبة بنجاح عظيم حيث كنت في رتبة " مفلس قدير"، وبعد ثلاث سنوات حدث الزواج. أمرأتي ذكية، ومدبرة، وهادئة حفيدتي نور فهي آنسة عصرية عمرها ثلاث سنوات تميل لأفلام الكارتون والأغاني الخفيفة وهي ذكية وناقدة بامتياز وكثيرا ما تعاكسني فلو سألها أحد الحضور: فين جدك؟ تشير لجدتها وتبص لي بصة ذات مغزي وتغرق في الضحك. منذ أسابيع صدر كتاب (سمير الفيل : أنشودة نورس وحيد) كان الكتاب الذي شرفت بإعداده تحية من احبابه الكثيرين للعيد الستين للرجل، تطوع الناشر بتحمل جزء كبير من تكلفة الطباعة تقديرا لسمير الفيل، وشارك فيه كثير من كتاب الوطن العربي المتصلين بالإنترنت، في آخر زيارة له بمنزله، وكنا صحبة كبيرة، أعد لنا بنفسه الشاي وقدم الفاكهة والحلويات، وأسر لي - بشكل شخصي - بوجود لحم وكوسة، فقلت له : لولا أنها كوسة.. وضحكنا. سمير عنقود الكبرياء ومشكاة الطيبة، وقنديل الوداد ، طفل الوجود الجميل القديس في حبه للآخرين، في عطائه الخرافي النبيل، سمير الفيل المبدع الذي يسكب في كافة كتاباته قدرا عجيبا من الشجن يليق بفتي مبكر اليتم مثله، طبيعة ترسخت فيه، هو شجي وحده، ضحوك مع الآخرين.

بقلم إبراهيم محمد حمزة

>للاطلاع على المقال من المصدر إضغط هنا<

العامية المصرية ترتكب جناية اسمها المقاومة

العامية المصرية ترتكب جناية اسمها المقاومة

إبراهيم محمد حمزة ـ جريدة القاهرة : 31ـ 01 ـ 2012

يبدو طبيعيا جدا أن يشعر كل مبدع بأنه تنبأ بالثورة، وحذر منها، وتوقع حدوثها، وصور وقائعها، فالمبدعون في الأصل بشر كالآخرين، ولذا يرون ويتأملون، ويتوقعون، ولكن التأمل الواعي والبصيرة المخلصة قليلا ما تتوفر لشاعر، مثلما توفرت لسيد حجاب، وربما يكون مرد ذلك لطبيعته التي تميل للتأمل، حيث لا يجري وراء قصيدته - كغيره - إنما يتأمل ويدرس ثم يبدع، وربما يعرف عشاقه جميعا قوله - والذي كان وقتها لا يصدق وقت توقيع معاهدة "كامب ديفيد"، حين قال : خايف لو فقت ليلة النصر / ألاقينا كسبنا سينا / بس خسرنا مصر. ثم بدأ حجاب يرتدي أقنعة شخصياته الدرامية، وينطق بوجع المجتمع، ممررا فكرة ثائرة أو مقاومة، ومنبها في حين آخر لفعل التغيير، وأهمية حدوثه بشكل دائم، حتي لا يحدث زلزالا مدمرا: حوشوا شرارة تطيش تشقق عروشنا وتغشنا المرايات تشوش وشوشنا وتهيل تراب ع الهالة والهيلمان قبل السقوط تمثل قصيدة "قبل الطوفان الجاي" حالة من التمرد علي لغة وصياغة حجاب، وذلك رغم احتفاظه بخطابه الأدبي وبعض من سبل بنائه الشعري، يبدأ بقوله: تاج راس سلالات الجهالات الطغاة الصغار.. ذوي المقامات والمذمات اللصوص الكبار... أصحاب جلالة العار أصحاب فخامة الانبطاح والسعار.. أصحاب سمو الخسة والانحدار.. أصحاب معالي الذلة والانكسار.. هذه الغضبة التي يمارسها " حجاب " ضد الطغاة، تأتي - كعادة حجاب - شاملة لا تبقي ولا تذر، تأتي متعالية علي الرضوخ لانحدار الواقع، إنما يمارس تشوفه وتأمله، وإنسانية قصيدته، يقول : ابن آدم .. زيه زي الحمار بين "مول" و"مول" يرمح يشبرق عينيه شاري دماغه.. وروشنة طحن نار وليل نهار.. منهار.. متنح سفيه وعمره لحظة طيش.. وشرفه هزار عايش حياة أغوات.. بأخلاق عبيد هذه غضبة عامة من حجاب، يداعب فيها جمهوره العاشق لموسيقاه الشعرية المبهرة (نهار /منهار .. حياة اغوات) لكن هذا الدمج اللغوي الملفت، يقع في منطقة لم يعتدها قارئ حجاب عبر دواوينه السابقة ( في العتمة - نص الطريق - أصوات، وقبلها «صياد وجنية»). لذا فهذا الغضب الشعري، ربما أعادنا للحس الشعبي الذي بني "حجاب" مجده عليه في " صياد وجنية " عام 1966م، لذا نجد قصيدته تبدأ بالتحية كعادة الشاعر الشعبي. (من بعد حمد الله ..وبه نستعين / وباسم ناسنا الطيبين أجمعين) الفضح والتثوير إنها التعرية التي يمارسها حجاب هنا، ليجعلها متفتحة علي الكون كله، هو لا يحاكم نظما مهتزة وعروشا منهارة فقط، إنما يضع شهادته علي كون كامل، إنه يتدرج بالقارئ - بعبقرية - من التنوير إلي التثوير، عبر الخديعة البديعة التي يسحب سيد حجاب القارئ من السهولة والوضوح إلي عمق الصورة بسوادها، وبقدرته الفذة علي تشوفها .. إنه عاتب بشدة علي التعالي عن المشاركة في مصائب الآخرين (وإن حشت النار عشة في قندهار/ يقول في باله: أفغانستان بعيد..!/ وكل ناسها..إرهابيين أكيد / ويبلع الأخبار .. بشاي الفطار / وحين تشب النار وتشوي الصعيد / ويهل شيخنا وأبونا إيد حاضنة إيد / وكل واحد له حدا التاني تار / يقول مثقفكوا السلامي الانهزامي البليد : / ده خلاف بسيط واتسوي بين جار وجار) . يستكمل حجاب تطوافه كمواطن عربي، بكل مشكلاتنا، ويضع بصمته وفكرته حول كل الأمور، ويتحدث عن نصر الله وجيشه، حديث المحب الموله، لكننا سنتعجب من التبسط اللغوي النادر في شعر حجاب، والذي يصل به لتجميل التعبير الشعبي المضمخ بالسخرية كقوله (رغم اعترافات العدو بانه كلها عالقفا!.. تلاتين سنة.. وانتو علي زحلفة) حتي يصل الحال بحجاب إلي الثورة الكامنة الكاملة، من خلال خطابه الشجاع لكل الحكام الخام الجاهلين يقول بوضوح يا أجبن الحكام.. ياغرقانين في طين جهالة وعطن.. مفيش سلام بين بندقاني وحمام.. والديب مازال ديب مهما غني ورطن.. يا أجهل الأصنام يامهرولين بره التاريخ والزمن الاستيطان.. عمره مايبقي وطن . إن قدر السخرية التي يمارسها الشاعر، تؤكد قدرته علي الارتقاء بالغضب، والسمو به إلي آفاق السخرية النبيلة البديلة للانفجار، وانظر مثلا وصفه البهي (وتفكروا ليه؟ وانتوا ماتستروش / حبة ديول فوق كروش/ وعشوش فاشوش ع العروش ) وينهي قصيدته بقوله ( جاي الطوفان يا خال / شيء لا خطر علي بال / ولا يطوله ولا يحوطه خيال / طوفان بقي مش سيل ولعب عيال ). هذا التبسط اللغوي والبنائي وهو يتكامل ويتصل بدعوات جادة للعودة للجماهير من خلال شهادات لأدباء كبار مثل يوسف القعيد وخيري شلبي وبهاء طاهر والبساطي، ذلك كله يؤكد سريان تيار - له معارضوه وله مؤيدوه بلا شك - تيار يتأكد بجوار تيارات أخري . في هذه الإطلالة العابرة علي شعر العامية في الإقليم، لا ندعي الإلمام بتيار شعر العامية بشرق الدلتا مطلقا، فذلك يحتاج بحوثا، ولا حتي بالمشهد الأساسي، إنما هي إطلالة انتقائية محكومة بتوفر الدواوين لدي، وكذا المساحة المتاحة ... الأعمام يصرخون في ديوانه "جمر مطفي في حرايق الروح " يمنحنا سمير عبد الباقي حالة من الاندهاش والغضب معا، يترك قارئ ديوانه في حالةٍ تختلف عن حالته قبل القراءة، رافضا أن يكون غافلا لحظة: (كرهت م القلب إني أروح في غفلة نوم وأنا اللي من صغري كاشف ما تململ في العيون ) ولهذا يهدي إحدي قصائده - رجعوا التلامذة - إلي تلميذات المنصورة "اللي شالوا أولادها علي كتافهم علشان يردوا للوطن القلب بهتافهم " القصيدة - كغالبية شعر سمير عبد الباقي - صرخة محفزة للغضب والرفض، وانتباهة باكرة لروح المقاومة لدي الأطفال : (يا صوتهم العبقري الطالع من التاريخ / ومن حواري الألم / صحي اللي ناموا.. اطمأنوا لقلة الحيلة / وفعل الزمن) هذا التحريض الشعري الذي مارسه " عبد الباقي " كشاعر مؤسس لتيار مخلص للمعني علي حساب التشكيل الجمالي، هو نوع من الإيمان بدور القصيدة في التحريض والدفع عبر عدد هائل من الدواوين، ظل متناميا لدي شعراءٍ من جيله وما تلاه، فنجد سمير الفيل في "سجادة الروح " الصادر عن إقليم شرق الدلتا، يمد ألمه إلي أقصي آفاق الإنسان ،ثم يجمعه مرة أخري إلي ألم الذات، لكنه الموت الذي يحاصره، والذي يؤكد الشاعر في كل سطر شعري إصراره علي المقاومة، مثلما يصر علي مجابهة أوجاع الناس لطرحها لا تجاوزها: (ليه الفلاحين الرعاع /كانت جلابيبهم زرق / مع إن كل شيء حواليهم إخضرار / ليه مش لاقيين الفطار .... ع الغفر تندفع الفِردة / دخل العيد ده / محدش عمل كعك ولا فطير) وتجارب سمير الفيل تتعدد بشكل لافت حتي تكاد كل قصيدة تشكل عالما قائما بذاته، ذلك قبل أن ينأي الفيل بنفسه عن مضمار الشعر المهلك، ليقبع راضيا مرضيا في جنة السرد . لعبة المراوغة شعر إبراهيم رضوان مرحلة راقية ومتألقة من شعر العامية المصرية المحمل ببذور الغضب في أشد حالات كبتها، غضب ساخر نادر نافر بين السطور، يري نفسه مجنونا ليسخر من عقلاء الرضي والقبول، واستكانة الصامتين الخائفين الخانعين : ( سيبوا عقولكوا الفاضية / روحكوا الراضية واملوا في البطون /....../ مجنون وبارفض عقلكوا / يا مفصلين بدل النفاق علي قدكوا). والمراوغة وسيلة يقدم بها إبراهيم رضوان كافة حوائط صده ورفضه ومقاومته، بل ربما بدأت المراوغة من عنوان الديوانين الذين بين يدي (شعر إبراهيم رضوان ) و(أشعارإبراهيم رضوان ) أولهما عن ثقافة الدقهلية وثانيهما عن سلسلة أصوات أدبية . حيث يرتفع دائما بقصيدته من أقصي حالات التخفي إلي أشد حالات الوضوح في إقرار المقاومة سبيلا: (عيني عليكم يا جواعة .. يا شباعة.. يا جموع / لأ مش مهم تجوع / وبرضه مش مهم تكون فقير / لازم تكون راجل ومفكوك الإيدين / لازم تكون راجل ومفتوح العينين). ويكاد شعر إبراهيم رضوان أن يكون تجسيدا صريحا لحالة الخوف، الخوف العام من الماضي والحاضر، ومن البر والبحر الملآن بالقروش والوحوش ،ولذا يفرض هذا الخوف بالتبعية تحول الخائف إلي رافض، إلي مقاوم، ولا أظن هناك غضب واضح ومباشر وقاس مثل ما رأيناه في " النقش فوق الحائط القرميدي " التي كتبها شاعرنا في المعتقل في الستينات، حيث عاش تجربة الإجهاز التام علي إنسانية الإنسان، وهو ما صبغ ديوان " أشعار " والذي يصل في النهاية إلي ( مين اللي حط السيف في بقبق عيني ؟ / مين اللي خلي بكره نظرة في نعشي). الغربة في ديوان "غنا الشوارع " ديوان مميز لشاعر مميز، وأهم ملامح تجربة فتحي البريشي، القدرة الفذة علي الوصول للناس من خلال السيطرة علي أدواته كشاعر قادر علي التوحد مع الناس، وتفترش الغربة أرضية الديوان الصادر عن " أدب الجماهير " حتي صارت الرغبة في مقاومة الموت اغترابا ؛ أكبر هموم الشاعر، من خلال البوح والمكاتيب (الرسائل ) وقد سعي الشاعر لفضح الواقع المر الذي نادرا ما استطاع الشعراء التعامل معه بهذه البساطة والعمق والجرأة. ( وبتكويني الضحكة الساخرة / لمّا باكون في لسانهم كلمة / يعني ساعات ينادوني يا مصري /كأنها شتمة /....../ أيمان بالله / المصري هناك مكروه مكروه / وإن كان المصري ملاك طيب / او حتي إله ما يحبوه). وحين يتخلص الشاعر من آلام الغربة، ينتقل علي دور الشاعرالرسالي، حيث الكلمة مسئولية يقولها، ولذا فهو يؤكد أن المقاومة هي سبيله ،وهو يدرك ما ينتظره (دبح المغني حلال ) لكنه مع ذلك لا يخشي، ويستمر في سبيله ( أنا قلت آهتي / وأناعارف حلال دبحي / ولا خفت م الموت / لأن الموت دوا جرحي / واحلف يمين الله / إني في جراح الجميع / ما عرفت مين فتحي) . ردح .. الغلابة في "ردح شعبي " للشاعر سمير الأمير - الصادر عن كتاب المرسم - يتجلي وضوح تام للهدف، حيث يتضافر السياسي والفني في تحاور وتجاور بهي، يتصالح الشاعر مع سامعه في تجربة ثرية واضحة، وفي سيطرة تامة علي الفكرة التي يطوعها ببراعة لمقتضيات الشعر، فالردح هنا مدخل المقاومة ووسيلتها، ولذلك يبدأ الشاعر الديوان معليا من شأن الموضوع علي فنيات قوله (أنا باعتذر للشعر قبل ما أقول / اللي هاقوله ده مش من فنون القول / ده ردح شعبي من تراث القهر / من كتر غلب الفقير وطول سنين القهر) . وهو ما يدفعه لتأمل تجربة جليلة عظيمة للمقاومة العربية التي قادها أطفال فلسطين الحبيبة، وهم من أطلق عليهم الشاعر "ملوك تانية ابتدائي " وهنا يرتفع سمير الأمير بقضاياه إلي قضايا الأمة، ويعود بها كيفما شاء إلي آلام الذات، جامعا همومه في الرغبة في الخروج من فقر الروح إلي رحابة الشعور بالكرامة والصدق ... وفي كل الحالات يظل مخلصا لفكرةالمقاومة عبر الكلمة ( ياقلب شاعر في مسيرة الجامعة / ياخدك حماس الشعر / تهتف كأنك حي / كل البلاد تسمعك / ومصر مش سامعة / مخنوقة بين ضلمتين / وإنت بتنزف ضي / نص الوطن عسكر / ونصه عبيد / بتخبي روحك ليه تروح لبعيد) . أما علي عبدالعزيز فقد جمع بين رضي الدراويش وغضب الرجل الشعبي في تكامل عجيب، فجاء ديوانه " آخر حدود الوطن " الصادر عن إضافة، جاء بالفعل "إضافة " لتيار العامية الهادر، حيث يندر شيوع النفس الصوفي في العامية المصرية بعد شهقات فؤاد حداد وبعض تراتيل سيد حجاب، في " المريد " نجد ( البكا تسابيح / هتسيح في أرض ربك الواسعة / تسعي من العشا للضحي /وتزور جميع الأضرحة / بالفاتحة والصلوات / والذكر في الحضرات). لكن ملامح الغضب والثورة تبدو محجبة علي استحياء جاءت في شذرات خفية (ومين سمّا الوطن لينا / وفيك مشطوبة أسامينا) . وهو يصر علي هذه الفكرة عبر أكثر من قصيدة مثل "وطن مش بتاعنا "، لكنه في قصيدة بهية جميلة هي "أبويا " يناقش طبيعة الرفض والغضب عند الأب، وكيف يملؤه الرضي، فـــــــ " ينصح عياله / إذا هب ريح يسدوا البيبان " لكنه رغم هذا الرضي والخنوع، مليء بالثورة والغضب، لكن الشاعر يطرح غضبه بشاعرية ماكرة خبيئة قائلا: (إذا حد يدعي / علي الظالمين / يهلّل يكبر / ويصرخ آمين) . نساء الرفض والثورة: في ديوانها " بيتك بيتك " تبث فاتن شوقي روحها الساخرة في عدة قصائد هادرة بالغضب، واثقة من قدرة الأمة التي تنتظر أي " منتظر " يوقظها لتعود القدس، ويعود الحق والأمل: (أنا ممكن أصحصحني من النوم / وأعدي حدود الخوف واللوم / والخطوة الصادقة تدوي بعنف ودان القوم / بس أنا مستني اللي يزحزحني يقول لي ياواد ما تفز تقوم). أما في قصائد ما بعد الثورة، فقد اختارت ركنا قصيا بعيدا عن مضمار المألوف والشائع، فعبرت عما يجيش بصدر الجميع، بصوت مختلف، وهو ما ضمن لها تفردها، فقد جاءت قصيدتها " اعترافات بلطجي الثورة " لتصطنع دراما شعرية بديعة، راسمة صورة لنفسية البلطجي ودواعيه: (ووهموني... / "بإن دي غُمّة هاتعدي / بضربة سيف ومن يدّي / خيوط السُلطة محبوكة / علي روح الفقير فيهم / وإن الطبخة مسّبوكة / وباقية كل كراسيهم" / عَصّفتْ كريح مع جَمَلِي / وكان أملي .. / تدّب الفوضي في "التحرير " / بلا ثورة ... بلا تغيير / ولمّا دخلت في الميدان .. / رَأِيتْ فلاح في إيد عامل في إيد دكتور / بؤر من نور .. / فراشات حُور.. / تصب المية بصليبها / اللي يتصدي ... لبلطجتي / لمسلم لجل يتوضا. ولا شك أن شعر الثورة يستحق دراسات كثيرة، مثلما يستحق وقتا لالتقاط الأنفاس.

بقلم إبراهيم محمد حمزة